بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
أما بعد
فإنه لا صلاح للعباد ولا فلاح ولا نجاح ولا حياة طيبة ولا سعادة في الدارين ولا نجاة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، إلا بمعرفة أول مفروض عليهم، والعمل به، وهو الأمر الذي خلقهم الله عز وجل له، وأخذ عليهم الميثاق به، وبه حقت الحاقة، ووقعت الواقعة، وفي شأنه تنصب الموازين، وتتطاير الصحف، وفيه تكون الشقاوة والسعادة.
وعلى حسب ذلك تقسم الأنوار، ومن لم يجعل الله له نورًا، فما له من نور، وذلك الأمر هو معرفة الله عز وجل بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وتوحيده بذلك، ومعرفة ما يناقضه أو بعضه، من الشرك الأكبر والأصغر، والكفر الأكبر والأصغر، والنفاق الاعتقادي والعملي، ومعرفة الطاغوت والكفر به والإيمان بالله تعالى.
وقد كان الناس من أهل نجد وغيرهم قبل دعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في جهل بهذا الركن الأعظم والأساس الأكبر، وأصل الأصول ورأس العلوم، أعني: علم توحيد الألوهية.
وقد تفاقم هذا الخطب وعظم، وتلاطم موج الكفر والشرك في هذه الأمة وجسم، وطمست الآثار السلفية، وأقيمت البدع الرفضية والأمور الشركية. إلى أن أراد الله تعالى إزالة تلك الظلمات، وكشف البدع والضلالات، ونفي الشبهات والجهالات، وتصديق بشارة رسول رب الأرض والسماوات في قوله صل الله عليه وسلم
«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»،
على يدي من أقامه هذا المقام، ومنحه جزيل الفضل والإنعام، أعني به الشيخ الإمام، خلف السلف الكرام، المتبع لهدي سيد الأنام، المنافح عن دين(الله) في كل مقام، شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، أحسن الله له المآب، وضاعف له الثواب.
فدعا إلى اللهليلًا ونهارًا، وسرًا وجهارًا، وقام بأمر الله في الدعوة إليه وما حابى أحدًا فيه ولا دارى، فعظم على الأكثرين وأنفوا استكبارًا، ولم يثنه ذلك عن أمر الله حتى قيض الله له أعوانًا وأنصارًا، فرفعوا ألويته وأعلامه حتى انتشرت في الخافقين انتشارًا.
وصنف رحمه الله تعالى التصانيف في توحيد الأنبياء والمرسلين، والرد على من خالفه من المشركين، ومن جملتها: "كتاب التوحيد" وهو فرد في معناه، لم يسبقه إليه سابق، ولا لحقه فيه لاحق، ومن ذلك: "الأصول الثلاثة" و"كشف الشبهات".. وغير ذلك من المصنفات النافعة.
ولأهمية التوحيد وعظم شأنه، طلب مني بعض إخواني في الله تعالى أن أجمع متنًا مختصرًا فيما يجب أن يعتقد، وبه يعمل، ومنه يتعلم، يسهل على الطالب المبتدي حفظه، ولا يستغني الراغب المنتهي عن فهمه، فيسر لي ربي تبارك وتعالى ذلك، ووفق سبحانه وألهم أن جمعت من تقرير هذا الإمام وأحفاده وفيه عن غيرهم، فلله الحمد على ذلك وغيره من المنن لا أحصي ثناء عليه، وأسميته:
"الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة".
أسأل الله تعالى أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في الحياة وبعد الممات، وكل من قرأه أو سمعه أو نظر فيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قال ذلك وأملاه الفقير إلى عفو ربه ومولاه
عبد الله بن إبراهيم بن عثمان القرعاوي
القصيم ـ بريدة